دلالة الحركة الإعرابية في الفعل المضارع
العدد 15 - جوان 2016
د. دلـــوم محمـــد
جامعة المسيلـــة
الوظيفة الأساسية للغة هي الإخبار، والمادة الأساسية في بناء التركيب اللغوي وصناعة الخبر هي الكلمة التي تنقسم إلى اسم وفعل وحرف، ونظرا لأهمّية الوظيفة الإخبارية للغة نجد القدماء في ترتيبهم لأنواع الكلمة، رتبوها بحسب فاعليتها في بناء الخبر، فجعلوا المرتبة الأولى للاسم، لأنّه يخبر به وعنه، والمرتبة الثانية للفعل لأنّه يخبر به فقط، وبقيت المرتبة الثالثة والأخيرة للحرف، لأنّه لا يخبر به ولا عنه.1
ونحن حينما نخبر السامع لا نخبره بالمعاني المعجمية التي تفيدها الكلمات، لأنّ السامع يُفترض أن يكون على علم بها مسبقا، وهذا هو شرط الاتّصال بين المتحدّث والسامع، بل نخبره بمعاني النحو التي تعتورها، كالفاعلية والمفعولية والابتداء والخبر، والصفة والحال والتوكيد والبدل وغيرها. يقول الجرجاني معبرا عن هذه الفكرة وهو يعقّب عن عبارة (ضربَ زيدٌ عمرًا يومَ الجمعةِ تأديبًا لهُ): "يقصد إلى قولك ضرب فيجعله خبرا عن زيد و يجعل الضرب الذي أخبر بوقوعه منه واقعا على عمرو، ويجعل يوم الجمعة زمانه الذي وقع فيه، ويجعل التأديب غرضه الذي فعل الضرب من أجله، فيقول: (ضرب زيد عمرا يوم الجمعة تأديبا له). وهذا كما ترى هو توخّي معاني النحو فيما بين معاني هذه الكلم."2
وتعدّ العلامة الإعرابية أهم قرينة لغوية تدلّ على المعنى النحوي، وفي غياب العلامة الإعرابية ــ كأن تكون الكلمة مبنية ــ يُلجأ إلى قرائن أخرى لمعرفة المعنى النحوي، كالقرينة المعنوية في مثل قولك: (أكلت الحلوى ليلى)، فلفظ ليلى فاعل ولفظ سلوى مفعول به مهما كانت رتبة كلّ منهما. أو كقرينة الرتبة في مثل قولك: (ضربت سلوى ليلى)، فالفاعل ما ذكر أوّلا والمفعول ما ذكر ثانيا.