مطبوعة بيداغوجية

عــلم النفــس الفيزيولوجي

     ( الجهاز العصبي - الجهاز الغدي )

 

     د. وسيــلة حرقــاس

     التخصص :  علــم النفــس

     الطبع :2021

     ردمك  4-01-540-9931-978

تقــديـم :

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه و بعد...

مازالت النفس البشرية مجالا خصبا للدراسات العلمية في بعديها النفسي و الجسدي و البحث في العلاقة بينهما. قليلة هي الكتابات في هذا الموضوع إذ الكتابات البيولوجية و الفسيولوجية البحتة التي تتجاوز الوجه الآخر لها و الذي يتمثل في الجانب النفسي و الانفعالي، و في المقابل نجد الكتابات النفسية التي تركز على الجانب النفسي و الانفعالي و العقلي دون أن تربطه بالجانب الجسدي الذي هو القاعدة الأساسية التي تحدث فيها كل التفاعلات و التغيرات النفسية و تنعكس عليها. ربما كان سبب ذلك هو التراكم الشديد للمعرفة الذي أنتج تخصصات دقيقة جعلت من مجالات العلم و البحث تتباعد حيث كثرت التخصصات الدقيقة التي تهتم بالتعمق في الموضوع الواحد لضمان نتائج أكثر موضوعية و أكثر دقة. إن الدراسات التي تتناول موضوع النفس و  الجسد معا وجدت منذ القديم  و في كل الأزمنة،  فالفلسفة اليونانية مثلا تتحدث في كتابات أفلاطون تلميذ سقراط عن وجود عالين متمايزين هما عالم المثل و فيه المعاني و الأفكار و منه تتكون النفس ،و عالم الحس و هو العالم المادي و منه يتكون الجسم . و أكد أرسطو أن النفس و الجسم لا ينفصلان لأنهما جوهر واحد. و حاول ابن سيناء فهم العلاقة بين بعض الأمراض الجسمية و النواحي النفسية.وفصّل  ابن حزم الأندلسي في موضوع الحب و ماهيته و حدد علاماته النفسية كالانطواء و الميل إلى الوحدة والكتمان والانقياد،وعلاماته الجسمية كنقص الشهية و نحول الجسم و الأرق، ذلك لأن كلما يحدث في النفس ينعكس مباشرة على الجسد والعكس. و تشهد هذه السنوات الأخيرة تطورا واضحا للبحوث و الدراسات في هذا الميدان من طرف الأطباء و العلماء و المتخصصين النفسانيين التابعين لمنظمات و هيئات الإعجاز العلمي في القرآن و السنة و الطب النبوي، حيث تؤكد كل الدراسات في هذا المجال على التأثير و التأثر بكل أشكاله بين النفس و الجسد و أن كل الظواهر النفسية قد تكون أسبابها جسمية و لها نتائج جسمية كما أن الظواهر الجسمية قد تكون لها أسباب جسدية و تأثر عل النواحي الجسمية. و نظرا لهذا الارتباط الوثيق بين النفس و الجسد و التفاعل اللانهائي بينهما و أهمية كل واحد للآخر، وجدت تخصصات أخرى تربط بينهما مثل علم الاضطرابات والأمراض النفس- جسدية و علم النفس الفسيولوجي. توجد هذه التخصصات كمقاييس تدرّس لطلبة العلوم و طلبة علم النفس. و الكتاب الذي بين أيدينا يصب في هذا الاتجاه حيث يبين التفاعل المستمر بين الحالات النفسية و تأثيراتها الجسمية وكذلك الوظائف الفسيولوجية و تأثيراتها النفسية بأسلوب علمي بسيط يمكن الطلبة من الفهم و الاستفادة حيث انطلقت الأستاذة صاحبة الكتاب من معادلة توضح العلاقة بين عناصر الحياة النفسية لتشويق القارئ و الطلبة للتحقق من صحة هذه المعادلة من خلال تتبع مختلف الفصول و الرسومات و الأمثلة التي يحتويها هذا الانجاز المتواضع.

و أخيرا نحمد الله عزّ و جلّ أن وفقنا لإنجاز هذا الكتاب المتواضع، و نرجو أن يفيد كل القراء خاصة الطلبة و هيئة التدريس و يجدوا فيه ما وجدناه من تنوير و شمول. إننا نرحب بالتعليقات و الإضافات لان هناك أجزاء أخرى عن أعضاء الحس و التغذية في علاقتها بالحياة النفسية و السلوكية نتمنى بمساعدتكم أن ترى النور قريبا خدمة لطلاب العلم مهما كانت صفتهم.